Search

السعادة في بيئة العمل وانعكاسها على الأداء ودورها في التميزالمؤسسي

السعادة كفكرة عامة تركز على حضور المشاعر الإيجابية وغياب المشاعر السلبية ورضا الأفراد الشامل عن حياتهم بنظرة مستقبلية متفائلة وإيجابية، والعمل هو أحد أهم المحاور في صناعة السعادة الفردية والمؤسسية والمجتمعية. تنعكس بيئة العمل والأجواء التي يعمل فيها الموظفين بشكل مباشر على أدائهم في العمل وطريقة تعاطيهم مع متطلبات عملهم.

هنـاك العديد النظريات والنمـاذج العلمـية التي تتعلق بنظريـات الرضـا الوظيفـي، وأثـر الرضـا الوظيفـي علــى الموظف وعلــى المنظمــة، كنظريــة هــرم ماســلو للحاجــات الإنســانية، ونظريــة دوافــع العامليـن لهريزبـيج، ونمـوذج بورتـر ولولـر المتعلـق بربـط الرضـا بـكل مـن الإنجـاز والعائد. إلا أن الجانب الأكثر تأثيراً على السعادة في مجال العمل أو السعادة المؤسسية هو بيئة العمل المحفزة للأداء العالي من خلال تبني قيم السعادة والإيجابية ويتم ذلك من خلال وضع أهداف سمتها التحدي ومنح الأفراد مساحة كافية للتحرك بحرية في سبيل تحقيقها باستخدام نقاط قوتهم باستمرار بغرض إنجاز عمل ذو قيمة يشعرهم بأهمية مشاركتهم في نجاح المنظمة ويمكّن روح الابتكار والإبداع لديهم.

وفقا للدراسة التي أجرتها هارفرد بيزنس ريفيو عن ارتباط سعادة ورضى الموظف والأداء وجدوا أنَّ الموظفين الذين يتمتعون بالسعادة في بيئة عملهم تزيد إنتاجيتهم بمقدار (31%)، في حين أنَّ الموظفين الغير سعداء في عملهم تقل إنتاجيتهم بنسبة (10%).لذلك فإن الحفاظ على رضى وسعادة الموظف في بيئة العمل يخدم المنشأة قبل الفرد. وعليه فإن احتفال المؤسسات بالمناسبات المختلفة كاليوم العالمي للسعادة يعمل على تعزيز الايجابية و الإنتماء في بيئة العمل.

وقد ذكر رينسيس ليكرت أخصائي علم النفس المؤسسي والاجتماعي في أحد منشوراته أنه “يصعب تحقيق مستوى إنتاج عالي على مدى طويل من الزمن في ظل عدم رضى وسعادة الموظفين، كما أشار إلى أنَّ الجمع بين زيادة الإنتاج وعدم الرضا في آنٍ واحد لابد أن يؤدي إلى تسرب عناصر مهمة في المنظمة”. بالاضافة إلى ذلك فإن عدم رضا الموظفي في بيئة عملهم تاثيرات أخرى, وفقا للمختصين فإن عدم رضا وسعادة الموظفين في بيئة عملهم يؤدي إلى تسرب العملاء فالقاعدة تقول بأنَّ “رضا العملاء من رضا العاملين”، أي أن جودة الخدمة التي تقدمها لعملائك مرتبط بشكل مباشر برضا وسعادة موظفيك في عملهم.

من أبرز عناصر السعادة المؤسسية التي نادراً ما يتم الالتفات لها هو خلق بيئة تتسم بالذكاء العاطفي واللطف والتهذيب بين الأفراد والعطاء المستمر والمبادرة لمساعدة الآخرين، هذه القيم المهمة تشجع الأفراد داخل المنظمة على التقدير المتبادل والتفهم والعمل الجماعي بروح الفريق.

سعادة الموظف في بيئة العمل تؤثر بشكل مباشر ومن أبرز أثارها الايجابية على المنشأة ما يلي:

1/ زيادة الولاء للموظفين وأسرهم.

2/ زيادة الإنتاجية.

3/ استكشاف الطاقات.

وجدت الدراسات أيضا أن 82% من الموظفين الراضين يبذلون مجهود أكبر في الحضور إلى أعمالهم ولديهم أيضا قابلية عالية للحضور إلى العمل في أي وقت. بالإضافة إلى أن 62% من الموظفين السعداء والراضين في عملهم على استعداد لتمضية المزيد من الوقت في العمل.

من ناحية أخرى يتسبب عدم رضى وسعادة الموظفين في بيئة العمل إلى تسربهم وتركهم للعمل في المنظمة. وهذه أحد المشكلات المكلفة التي تسعى المنظمات إلى تفاديها, حيث أن خسارة الموظف المبتدأ واستبداله يكلف المنشأة ما بين %30 إلى 50% من الأجر السنوي للموظف, في حين أن استبدال الموظفين متوسطي الخبرة فأعلى يكلف المنشاة 150% فأكثر من الأجر السنوي,أما بالنسبة للمناصب القيادية فيكلف استبدالها ما يقارب 400% من الأجر السنوي. وعليه فإن إسعاد موظفيك ومحافظتك عليهم توفرعليك تكاليف استبدالهم وتخدمك أيضا في زيادة الإنتاجية.

ختاماً, يقضي الموظفين عادة ما يتراوح بين 8 إلى 10 ساعات يومياً في العمل، ما يعادل ثلث يومهم، مما يعني أنهم يمضون ثلث عمرهم تقريباً في بيئة العمل! وأنت كصاحب عمل في حاجة ماسة إلى تحقيق مفهوم الرضا الوظيفي داخل منظومتك، ليشعر الفرد بالراحة والاستمتاع في بيئة العمل التي تشكل جزء كبير من حياته وأيضا ليدرك مدى قيمتة ومساهمته في تشغيل وإنجاح عمل المؤسسة وهذا بالتاكيد سيساعد المنظمة على التقدم والنمو باستمرار.

من الجدير بالذكر في هذا السياق أن المملكة قد احتلت المركز الثالث لمؤشر السعادة بين الدول العربية في تقرير مؤشر السعادة العالمي لعام 2022, وتأتي هذه النتيجة كثمرة للجهود التي بذلتها المملكة لتحقيق مستهدفاتها لزيادة نسبة الرضا وجودة الحياة لدى سكان المملكة.

:شارك المقال

سجل في القائمة البريدية